وأمير المؤمنين يرى أن أولى الأقوال أن يكون سدادا وأحرى الأفعال أن يكون رشادا ما وجد له في السابق من حكم الله أصول وقواعد وفي النص من كتابه آيات وشواهد وكان مفضيا بالأمة إلى قوام من دين ودنيا ووفاق في آخرة وأولى فذلك هو البناء الذي يثبت ويعلو والغرس الذي ينبت ويزكو والسعي الذي تنجح مباديه وهواديه وتبهج عواقبه وتواليه وتستنير سلبه لسالكيها وتوردهم موارد السعود في مقاصدهم فيها غير ضالين ولا عادلين ولامنحرفين ولازائلين .
وقد جعل الله D من هذه الأفلاك الدائرة والنجوم السائرة فيما تتقلب عليه من آتصال وافتراق ويتعاقب عليها من اختلاف واتفاق منافع تظهر في كرور الشهور والأعوام ومرور الليالي والأيام وتناوب الضياء والظلام واعتدال المساكن والأوطان وتغاير الفصول والأزمان ونشء النبات والحيوان فما في نظام ذلك خلل ولا في صنعه صانعه زلل بل هو منوط بعضه ببعض ومحوط من كل ثلمه ونقص قال الله سبحانه ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) وقال جل من قائل ( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري في أجل مسمى وان الله بما تعملون خبير ) وقال ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) وقال عزت قدرته ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ) ففضل الله تعالى في هذه الآيات بين الشمس والقمر وأنبأنا في الباهر من حكمه والمعجز من كلمه أن لكل منهما طريقا سخر فيها وطبيعة جبل عليها وأن كل تلك المباينة والمخالفة في المسير تؤدي إلى موافقة وملازمة في