أمورهم إلا سدها وتلافاها ولا حال عائدة بحظ عليهم إلا اعتمدها وأتاها ولا سنة عادلة إلا أخدهم باقامة رسمها وإمضاء حكمها والاقتداء بالسلف الصالح في العمل بها والاتباع لها وإذا عرض من ذلك ما تعلمه الخاصة بوفور ألبابها وتجهله العامة بقصور أفهامها وكانت أوامره فيه خارجة إليك وإلى أمثالك من أعيان رجاله وأماثل عماله الذين يكتفون بالإشارة ويجترئون بتيسير الإبانة والعبارة لم يدع أن يبلغ من تلخيص اللفظ وإيضاح المعنى إلى الحد الذي يلحق المتأخر بالمتقدم ويجمع بين العالم والمتعلم ولا سيما إذا كان ذلك فيما يتعلق بمعاملات الرعية ومن لا يعرف إلا الظواهر الجلية دون البواطن الخفية ولا يسهل عليه الانتقال عن العادات المتكررة إلى الرسوم المتغيرة ليكون القول بالمشروح لمن برز في المعرفة مذكرا ولمن تأخر فيها مبصرا ولأنه ليس من الحق أن تمنع هذه الطبقة من برد اليقين في صدورها ولا أن يقتصر على اللمحة الدالة في مخاطبة جمهورها حتى إذا استوت الأقدام بطوائف الناس في فهم ما أمروا به وفقه ما دعوا إليه وصاروا فيه على كلمة سواء لا يعترضهم شك الشاكين ولا استرابة المستريبين اطمأنت قلوبهم وانشرحت صدورهم وسقط الخلاف بينهم واستمر الاتفاق فيهم واستيقنوا أنهم مسوسون على استقامة من المنهاج ومحروسون من جرائر الزيغ والاعوجاج فكان الانقياد منهم وهم دارون عالمون لا مقلدون مسلمون وطائعون مختارون لا مكرهون ولا مجبرون .
وأمير المؤمنين يستمد الله تعالى في جميع أغراضه ومراميه ومطالبه ومغازيه مادة من صنعه تقف به على سنن الصلاح وتفتح له أبواب النجاح وتنهضه بما أهله لحمله من الأعباء التي لا يدعى الاستقلال بها إلا بتوفيقه ومعونته ولا يتوجه فيها إلا بدلالته وهدايته وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل