أما بعد فإن أولى المراتب الدينية بتقديم العناية وتفخيم الرعاية وتكريم التولية ولا سيما إذا كانت منتسبة إلى أهل الولاية مرتبة مشيخة الشيوخ التي يجمع عباد الله الصالحين نطاقها ويضمهم رواقها وتطلعهم مطالع كواكب الهدى آفاقها المنيرة وأوفاقها .
ولما خلت الآن هذه الرتبة بالشام المحروس من شيخ تدور هذه الطائفة على قطبه وتجتمع على مائدة قرباته وقربه وتمشي على قدمه وتناجي صلاح أحوالها عن قلبه تعين أن نختار لها من كملت بالله أداته وصفت في مشاهد الحق ذاته وزكت في علمي الإبانة والأمانة شهادته المفصحة ومشاهداته وأجمع الناس على فوائد تسليكه واسلاك قلمه حيث بدت في وجوه الحسن حسناته ووجوه الشام شاماته لما شهر من معرفته وعرفانه ولما دعي له ببقاء نوح لما فاض في العلم من طوفانه ولما قام في الأذهان من طبقة قدره الموصوف ولما سار من رسالة أخباره فإذا قالت الآثار هذا السري قال الإيثار وفضله معروف .
فليباشر هذه المشيخة المباركة بصدر للسالكين رحيب وبر للسائلين مجيب وفضل يقول الرائد والمريد بدار إقامته قفا نبك من ذكرى منزل وحبيب وبشر وبشرى يملآن عين المجتلي ويد المجتدي وعطف ولطف إذا قال الذاكر لمن مضى راح مالكي قال المعاين وجاء سيدي وليراع أمور الخوانق الشامية ما غاب منها وما حضر وما سمع منها وما نظر وليهذب قلوب ساكنيها حتى يعود كإخوان الصفاء من المودة قوم كانوا إخوان الصفا من الحجر قائما بحقوق الرتبة قيام مثله من أئمة العلم والعمل داعيا لهذه الدولة العادلة فإنه أقصى دواعي الأمل معربا لأن العربية من علومه عن الإيضاح غنيا عن تفصيل الجمل وهو المسلك فما يحتاج لتسليك درر الوصايا المخبوء لمثل