تشوقت إليه بعدها تلك المشاهد وتشوفت إلى العود هاتيك المعاهد وقضى الوفاء أن يعاد إليها أحسن إعادة وأن يرجع إلى الأماكن الشهيدية الشاهدة ببره فتكون منه عادة ومنها شهادة واقتضى الاستحقاق أن يردها بالمعلوم المستقر وزيادة وأحسن ما ورد البحر في الزيادة .
فلذلك رسم بالأمر الشريف أعلاه الله وشرفه وحلى بسيره الصالحة سمع الدهر وشنفه أن يستقر فلان في تدريس المدرسة النورية بحمص المحروسة على عادته وعلى نهج إفاءته وإفادته بالمعلوم المقرر له بمجلس الحكم العزيز الشافعي بدمشق المحروسة رعاية لتلك المعاهد النورية التي تتأرج بها الآصال والبكر وأنوار القبول القائلة لوفدها الطارق عليك سلام الله يا عمر .
فليعد إلى هذه الوظيفة عود الحلي إلى العاطل وليقبل على رتبته المرتقبة إقبال الغيث على الماحل وليقل بلسان تقدمه لمعانديه إن كان أعجبكم عامكم فعودوا إلى حمص في قابل ولينصر بقاعها الحمصية بجلاد جداله فإنها من أول جند الإسلام وليقم الآن في هذه الأوقات الشامية فإنه بركة الوقت والبركة في الشام مثمرا من أقلام علومه أزكى الغروس مظهرا من مباحثه النفائس مبهجا من طلبته النفوس عامرا لمعاهدها بدروسه ويا عجبا لمعاهد تعمر بالدروس ذاكرا للوصايا الحسنة التي لا تقص عليه فهو أخبر بها والتي من أولها وأولاها تقوى الله تعالى وهي بأفعاله أمسك من تفاعيل العروض بسببها والله تعالى يعضده في رحلته ومقامه ويمتع الرتب تارة بمجالس دروسه وتارة بمجالس أحكامه ويروي صدى مصر والشام من موارد علمه هذه بأوفى من نيلها وهذا بأوفر من غمامه