الله وحده لا شريك له شهادة يبلغ قائلها ببركتها المنى والمآرب وتهون عليه كل المصاعب ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أظهر الله ببعثته الحق في المشارق والمغارب وأنار به ظلم الغياهب صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين شيدوا منار الإسلام وأقاموه بالسيوف القواضب وسلم تسلميا كثيرا .
وبعد فإن المناصب بمتوليها والمعالي بمعليها والعقود ليست بمن تحليه بل بمن يحليها وأطيب البقاع جنابا ما طاب أرجا وثمارا وفجر خلاله كل نهر يروع حصاه حالية العذارى ورنحت معاطف غصونه سلاف النسيم فتراها سكارى وتمتد ظلال الغصون فيخال أنها على وجنات الأنهار عذارا .
ولما كانت دمشق المحروسة لها هذه الصفات وعلى ضفاتها تهب نسمات هذه السمات لم يتصف غيرها بهذه الصفة ولا اتفق أولو الألباب إلا على محاسنها المختلفة وكان الجناب الكريم هو من أعيان الدولة وأماثلهم ووجوه رؤسائهم وأفاضلهم وله في طاعتها استرسال الأمن من سوء مواطن المخاوف ووصل في ولائها القديم بالحديث والتالد بالطارف وتولى مهمات الخدم فأبان في جميعها عن مضاء عزمه وكان من حسن آثاره فيها ما شهر غفلها بوسمه فمن ناواه من أقرانه أربى عليه وزاد ومن باراه من أنظاره أنسى ذكره أو كاد .
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقر في ولاية مدينة دمشق المحروسة .
فليباشر هذه الولاية عاملا بتقوى الله تعالى التي أمر بها في محكم الكتاب حيث يقول ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) وليشمل كافة الرعايا بالحفظ والرعاية ويجزل حظهم من