الحمد لله الذي صرف أمرنا في أشرف البقاع وشرف قدرنا بملك ما انعقد على فضله الإجماع وعرف أهل طيبة الطيبة كيف طلع البدر عليهم من ثنيات الوداع وأمدها بودي صغر للتحبب وإلا فهو واد متدفق الأجراع .
نحمده على نعمه التي أغنت مهابط الوحي عن ارتقاب البرد اللماع وارتقاء النظر مع بدره المنير إلى كل شمس سافرة القناع ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تخمد من الضلال ما شاع ومن البدع ما استطار له في كل أفق شعاع ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف من أنفت به حمية الامتناع وألفت بنا سنته أن ترعى لأهلها ولا تراع وعصفت ريحها بمن يمالي دينه فمال إلى الابتداع A وآله وصحبه الذين ليس في فضل أحد منهم نزاع وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن الاهتمام بكل جهة على قدر شرفها وعلى حسب الدرة الثمينة كرامة صدفها والكمامة بثمرها والغمامة بمطرها والهالة بما يجلو الدجى من قمرها والمدينة الشريفة النبوية لولا ساكنها ما عاجت إليها الركائب ولا ناجت حدائقها غر السحائب ولا وقفت بتأرج شذا الروضة الغناء بها الجنائب ولا بكى متيم دمن العقيق بمثله من دم ذائب ولا هاج إليها البرق متألقا ولا هام صب فيها بظبيات سلع والنقا ولكنها مثوى النبوة ترابها ومهوى الرسل جنابها ومأوى كتاب الله الفسيح رحابها دار الهجرة التي تعالت شمس الشريعة بأفقها وتوالت سحب الهدى من بين أبيرقها وهي ثانية مكة المعظمة في فضلها إلا ما ذهب إليه في تفضيلها على مكة مالك بن أنس ومنها انبعثت للهدى نوارة كل نور وشعاع كل قبس وكانت لنبي هذه الأمة A وآله وصحبه