الشريفة مضطلعة أمر الأموال الديوانية فإنها معادن الأرزاق ومواد مصالح الإسلام على الإطلاق وخزائن الدولة التي لو ملكتها الغمائم لأمسكت خشية الإنفاق وذخائر الثغور التي مواقعها من أعداء الدين مواقع الشجا في القلوب والقذى في الأحداق .
ولما كان المجلس السامي هو الذي سمت به هممه ورسخت في خدم الدولة القاهرة قدمه وتبارى في مصالح ما يعدق به من المهمات الشريفة سيفه وقلمه وكانت المملكة الطرابلسية من أشهر ممالكنا سمعة وأيمنها بقعة وأعمرها بلادا وأخصبها ربا ووهادا وأكثرها حصونا شواهق وقلاعا سوامي سوامق وثغورا لا تشيم ما افتر من ثغورها البروق الخوافق ولها الخواص الكثيرة والجهات الغزيرة والأموال الوافرة والغلات المتكاثفة المتكاثرة اقتضت آراؤنا الشريفة أن نرتاد لها من يسد خلل عطلها ويشد عضد ميدها وميلها وينهض من مصالحها بما يراد من مثله ويعيد لها بحسن المباشرة بهجة من فقدته من الأكفاء من قبله .
فلذلك رسم أن يفوض إليه شد الدواوين المعمورة بالمملكة الطرابلسية والحصون المحروسة على عادة من تقدمه في ذلك .
فليباشر ذلك بمعرفة تستخرج الأموال من معادنها وتستثير كوامن المصالح من مكامنها وتثمر أموال كل معاملة بحسن الاطلاع عليها وصرف وجه الاعتناء إليها وتفقد أحوال مباشريها ومباشرة ما يتجدد من وجوه الأموال فيها وضبط ارتفاعها بعمل تقديره وحفظ متحصل ضياعها من ضياعه وصون بذارها عن تبذيره وليجتهد في عمارة البلاد بالرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه والعدل الذي ما اتصف به ملك إلا صانه والعفة التي ما كانت في امريء إلا وفقه الله تعالى في مقاصده وأعانه وليقدم تقوى الله بين يديه