وانطوت قلوب الرعايا على حبه وتهللت وجوه المنى في سلمه واستهلت سحب المنايا في حربه وجمع بين حدة البأس ولطف التقى فكان هو الكمي الذي شفع الشجاعة بالخضوع لربه وحاط ما وليه من الأقاليم بسوري بأسه وعدله فبات كل أحد وادعا في مهاده آمنا في سربه وأغارت سرايا مهابته قبل طلوع طلائعه فأصبح كل من العدا أسير الذعر قبل إمساكه قتيل الخوف قبل ضربه مع احتفال بعمارة البلاد أعان السحب على ريها واشتمال على مصالح العباد قام في تيسير أرزاقهم مقام وسمي الغمائم ووليها وتيقظ لمصالح الثغور أنام عنها عيون الخطوب وإشراق في أفق المواكب كسا وجه الدين نور البشر ووجه الكفر ظلام القطوب .
وكانت المملكة الحلبية عقيلة المعاقل وعصمة العواصم وواسطة عقود الممالك وسلك فرائد النصر التي كم أضاءت بها إلى الكفر وجوه المسالك لا تدرك في مضمار الفخار شهباؤها ولا ترى إلا كما ترى النجوم في عيون العدا حصباؤها ولها من الحصون المصونة كل قلعة يتهيب الطيف سلوك عقابها ويتقاصر لوح الجو عن منال عقابها فهي عزيزة المنال إلا على كريم كفاءته بعيدة مجال الآمال إلا على ما ألفت من إيالة كفايته سامية الأفق إلا على شمسه نابية الطرف إلا على ما عرفت من سلوكه في أمسه ظامية الغروس التي أنشأها في مصالحها إلى ما اعتادته من سقيا غرسه اقتضت آراؤنا الشريفة أن نزيدها إشراقا بشمس جلاله واعتلاء بسيفه الذي رياض الجنة تحت ظلاله وأن نعيد أمرها إلى من طالما حسن عدله بقعتها وحصن بأسه قلعتها وأطارت مهابته سمعتها وأطالت سيرته سكون رعاياها في مهاد الأمن وهجعتها وأعاد وجوده أحوال مجاوريها من العدا إلى العدم وأباد سيفه أرواح معانديها فلو أنكرته أعناقهم لم يكن بالعهد من قدم