لقائه قبل الأجل وليزد في الحزم على ابن مزيد الذي لم ير في الأمن إلا في درع مضاعفة لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل وليجعل أحوال القلاع المحروسة دائما بمرأى منه ومسمع ويشيدها من ملاحظته باحتفال لا يدع لشائم برقها وحمول أموالها مطمعا فقد استكمل حسن النظر في مصالحها أجمع وليقم منار الشرع الشريف بمعاضدة حكامه والانقياد إلى أحكامه والوقوف مع نقضه وإبرامه .
فليجعل حكم الشريعة المطهرة أمامه وإمامه وليقم أمر الله فيمن اقتاده الشرع إلى حكمه فجاذب زمامه وليعظم حملة العلم الذي أعلى الله مناره وأفاض على الأمة أنواره وحفظ بهم على الملة سنة نبيهم A وآله وصحبه وآثاره وليكن لأقدارهم رافعا ولمضارهم دافعا ولأوقافهم بجميل الاحتفال عامرا وفي مصالحهم بتحلية الأحوال آمرا ولينشر لواء العدل الذي أمر الله بنشره ويشفعه بالإحسان الذي هو مألوف من سجاياه ومعروف من طلاقة بشره ويمد على الرعايا ظل رأفته الذي يضفي في النعم لباسهم ويديم إلفهم بالرفاهية واستئناسهم ويقم حكم سياسته على من لم يستقم ويقف مع رضا الله تعالى في كل أمر فإذا رحم فلله فليرحم وإذا انتقم فلغير الله لا ينتقم وليعتن بعمارة البلاد ببسط العدل الذي ما احتمى به ملك إلا صانه والرفق الذي لم يكن في شيء إلا زانه وتوخي الحق الذي من جعله نصب عينيه وفقه الله له وأعانه وكذلك أمر الأموال فإنها ذخيرة الملك وعتاده ومادة الجيش الذي إذا صرفت إلى مصالحهم هممه لم يخش عليه انقطاعه ولا نفاده وجميع الوصايا قد ألفنا من سيرته فيها فوق ما نقترح وخبرنا من مقاصده فيها ما يقول للسان قلمها قد عرفت ما أومأت إليه من مقاصدك فاسترح وملاكها تقوى الله تعالى