تزل قلوب المؤمنين بهم مطمئنة فإن لدولتنا القاهرة العوارف الحسان والشيم الكريمة والعطايا والإحسان والفواضل التي للآمال منها ما يربي عليها ويزيد والمآثر التي بحر برها الوافر المديد ولكل ملة من نعمها نوال جزيل ولكل فرقة من مواهبها جانب يقتضي التخويل ولا يقضي بالتحويل ولكل طائفة من يمنها ومنها منائح طائفة بمزيد التنويل ولكل أناس من معدلتها نصيب يشمل الملل وعادة معروف تواترت مع أنها خالصة من السآمة والملل سجية سخية بنا شرفت ومزية مروية منا ألفت وإن من أهل الكتاب لطائفة كثرت بأبوابنا الشريفة عددا واستصفت من مناهل جودنا موردا وانتظمت في سلك رعايانا فاضحى سبب فضلنا لها مؤكدا وكانت الملة المسيحية والفرقة اليعقوبية لا بد لها بعد موت بطريكها من إقامة غيره وتقديم من يرتضى بفعله وقوله وسيره لتقتدي به في عقد أمورها وحلها وتحريمها وتحليلها ووصلها وفصلها وتهتدي به في معتقدها وتركن إلى ما يذكره من مجموع أحكام الإنجيل ومفردها وينتصب للفصل بين خصومها بما يقتضيه عرفانه ويظهر لأهل ملته بيانه حتى لا تجد في أمر دينها إلا ما تريده وبما نديمه لها من استمرار الهدنة تبدي دعاءها وتعيده فإن سيدنا محمدا أمرنا أن نستوصي بأهل الكتاب خيرا ونحن نسلك من اتباع شريعته المطهرة ما نحسن فيه إن شاء الله سيرة يسيرة وسيرا .
ولما كانت الحضرة السامية الشيخ الرئيس المبجل المكرم الفاضل الكافي الثقة عماد بني المعمودية كنز الطائفة الصليبية اختيار الملوك والسلاطين فلان أطال الله بقاءه وأدام على أهل طائفته ارتقاءه ممن اتفق على شكره أبناء جنسه واستوجب أن يرقى إلى هذه الرتبة بنفسه واشتهر بمعرفة أحوال فرقه وهجر الأهل والوطن في تهذيب خلقه وحرم في مدة عمره النكاح وسار في المهامه والقفار وساح وأضحى خميص البطن