الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولم يستطع أحد أن يأتي بسورة من مثله وعلى آله وصحبه الذين اتبعوا طريقته المثلى وسلكوا مناهج سبله وعقدوا الذمم لأهل الملل واستوصوا بهم خيرا لما عرفوه من سعة حلمه وبذله فإنه لما كانت الطائفة المسيحية والفرقة اليعقوبية ممن أوت تحت ظلنا الذي عم الوجود وسكنت في حرم ذمامنا الذي سار نبؤه في التهائم والنجود وتمسكت من طاعتنا واتباع أوامرنا بما سلف لها من الهدن والعهود وكانت أحكامهم مما يحتاج إلى من يدور عليه أمرها في كل حال وتنتظم به مصالح شملها ليبلغوا بها الآمال ويأمنوا في معتقدهم فيها من الإخلال وأنه إذا مات بطريرك لهم لابد أن نرسم لهم بغيره ليعتمدوا في ذلك ما يتقدم به إليهم في نهيه وأمره ويسلك بهم في أحكامهم ما يجب ويعرف كلا منهم ما يأتي ويذر ويفعل ويجتنب ويفصل بينهم بمقتضى ما يعتقدونه في إنجيلهم ويمشي أحوالهم على موجبه في تحريمهم وتحليلهم ويزجر من خرج عن طريقه ليرجع إلى ما يجب عليه اسوة رفيقه ويقضي بينهم بما يعتقدونه من الأحكام ويبين لهم قواعد دينهم في كل نقض وإبرام فلما هلك الآن بطريكهم مع من هلك رسمنا لهم أن ينتخبوا لهم من يكون لطريقته قد سلك وأن يختاروا لهم من يسوس أمورهم على أكمل الوجوه لنرسم بتقديمه عليهم فيقوم بما يؤملونه منه ويرتجوه .
وكان الحضرة السامية القديس المبجل الجليل المكرم الموقر الكبير الديان الرئيس الروحاني الفاضل الكافي المؤتمن جرجس بن القس مفضل اليعقوبي عماد بني المعمودية كنز الأمة المسيحية منتخب الملة الصليبية ركن الطائفة النصرانية اختيار الملوك والسلاطين أطال الله تعالى بهجته وأعلى على أهل طائفته درجته قد حاز من فضائل ملته أسماها