أنفق في خدمة الطبيعة أيام عمره فكان بلوغ الغاية في علمها نتيجة خدمته والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي شرح الله بالهدى صدور أمته وخصه منهم بأعلام كل علم وأئمته وجلا بيقين ملته عن كل قلب ما ران عليه من الشك وغمته وعلى آله وصحبه الذين حماهم من الزيغ والزلل ما فجر الهدى لهم من جوامع الكلم وأفاض التقى عليهم من أنوار عصمته فإن أولى الأمور أن يعتمد فيها على طبيبها الخبير ويصان جوهرها عن عرض العرض على غير ناقدها البصير وتحمى مواردها عمن لم يعرف كيف يجتنب مواقع التكدير وترفع كواكبها عمن لم تدرك أفكاره دقائق الحوادث وحقائق التأثير أمر صناعة الطب التي موضوعها الأبدان القائمة بالعبادة والأجسام القائمة بما يتعاقب عليها من الحوادث والزيادة والنفوس التي ما عنها إن حصل فيها التفريط بدل ولا عوض والأرواح التي إن عرض الفناء لجوهرها فلا بقاء بعده للعرض والطبيعة التي إن خدمت على ما يحب نهضت على ما يجب بالصحة حق النهوض والأمزجة التي إن نفرت لعدم التأتي في سياستها أعجزت من يروض .
ولذلك تفتقر على كثرة أربابها وتحتاج مع غزارة المتمسكين بأسبابها وتضطر وإن اندفعت الضرورات بكثرة متقنيها وتتشوف وإن وجد الجم الغفير من المتلبسين بأدواتها والمتبحرين فيها إلى رئيس ينعم في اعتبار أكفائها النظر ويدفع عن رتبتها بتطرق غير أهلها الغير ويعرف من أحوال مباشريها ما لا يكفي في خبرها الخبر فلا يقبل إلا من علم مقدار علمه ووثق مع الحفظ بصحة فهمه ورضي عن خبره في الطب واجتهاده واعتبر منه كل نوع تحت أجناسه المتعددة على حدته وانفراده وجاراه في كليات الفن فرآه في كل حلبة راكضا وطارحه في فصول العلم فوجده بحمل أعباء ما تفرع منها ناهضا واختبر دربته فوجدها موافقة لتحصيله مطابقة لما حواه من إجمال كل فن وتفصيله وتتبع مواقع دينه فوجدها متينة ومواضع أمانته فألفاها مكينة وأسباب شفقته ونصحه فعرف أنها على ما جمع من الأدوات الكاملة معينة ويتعين أن يكون هذا الرئيس في أوانه والرازي في زمانه والفارابي في كونه