اختياره واختباره على وفور علمه ونجح علاجه وإصابه رأيه وسداده .
نحمده على نعمه التي خصت بنعمنا من كمل في نوعه وفصله وحسن في علمه وعمله قوله وفعله وجمع من أمانة وظيفته ومعرفتها ما إذا جلس في أسنى مناصبها قيل هذا أهله ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تشرق البصائر بأضوائها وتفرق الضمائر باخلاصها من أدوائها وتغدق بيمنها أنواء التوفيق فتتأرج رياض الإيمان بين روائها وإروائها ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أنارت ملته فلم تخف على ذي نظر وعلت أدلته فلم ينلها من في باع رويته قصر وبهرت معجزاته فلو حاولت الأنفاس حصرها أفناها العي والحصر وعلى آله وصحبه الذين كانوا لأدواء القلوب علاجا ولسلسبيل الإيمان مزاجا وللبصائر السائرة في دجى الشبهات سراجا صلاة دائمة الإقامة متصلة الدوام إلى يوم القيامة وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن صناعة الطب علم موضوعها حفظ الأبدان النفيسة ومقصودها إعانة الطبيعة على حماية الأعضاء الرئيسة ومدارها الأعم على معرفة العوارض وأسبابها ومدركها الأتم الوقوع على الصواب في معرفة الجسوم وأوصابها وحينئذ تتفاوت رتب أهلها عند تشعب مداركها واختلاف مسالكها وتشابه عللها والتباس صوابها بخللها إذ لا يميز ذلك حق تمييزه إلا من طال في العلم تبحره وحسن في رتب هذا الفن تصدره وطابق بين نقله وعلاجه وعرف حقيقة كل مركب من الأدوية ومفرد بعينه واسمه وصفته ومزاجه وتكررت عليه الوقائع فعرفها دربة وأحكمها نقلا ولقب بشرعة التقوى إذ كان الإقدام على النفوس قبل تحقق الداء والدواء مذموما شرعا وعقلا ولذلك تحتاج إلى رئيس ينعم في مصالحها نظره ويجمل في منافعها ورده وصدره ويعتبر أحوال أهلها بمعيار فضله ويلزم الداخل فيها ببلوغ الحد الذي لا بد منه