وتتوارد على ثبوت محامده المتواردة قواطع الدلائل وتحقق شواهد الحال من فضله ما يتلمح فيه من لوائح المخايل .
نحمده على نعمه التي ما استهلت على ولي فأقلع عنه غمامها ولا استقرت بيد صفي فانتزعت من يده حيث تصرف زمامها ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تزهر بمعالم الدين غروسها وتينع بثمار الفوائد المتتابعة دروسها وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف الأنبياء قدرا وأولهم في علو المرتبة مكانا وإن كان آخرهم في الوجود عصرا وعلى آله وصحبه الحائزين بقربه أفخر المناقب والفائزين من درجة الفضل بأرفع المراتب صلاة تكون لحلق الذكر نظاما ولأولها افتتاحا ولآخرها ختاما وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن من شيمنا الشريفة وسجايانا الزاكية المنيفة أنا إذا منحنا منحا لا نستعيده وإذا أعطينا عطاء لا ننقصه بل نزيده وإذا قربنا وليا لا نقصيه وإذا أنعمنا على صفي إنعاما لا نعده عليه ولا نحصيه .
ولما كان تدريس المدرسة المالكية بقبة الصالح من أعلى دروسهم قدرا وأرفعها لدى التحقيق ذكرا وأعظمها إذا ذكرت الدروس فخرا إذ بمجال جداله تنفطر المرائر وبميدان مباحثه تشتهر البلق من مضمرات الضمائر وبسوق مناظرته يتميز النضار عن الشبه وبمحك مطارحته تتبين الحقائق من الشبه وبمظان مجلسه يعرف العالي والسافل وبمعركة فرسانه يعرف من المفضول والفاضل ومن ثم لا يليه من علمائهم إلا الفحول ولا يتصدى لتدريسه إلا من أمسى بحسام لسانه على الأقران يصول ولم يزل في جملة الوظائف المضافة لقضاء القضاة في الأول والآخر تابعا لمنصب الحكم في الولاية كل زمن إلا في القليل النادر وكان المجلس العالي القاضوي الكبيري إلى آخر ألقابه أدام الله تعالى نعمته قد اشتملت ولايته عليه لابتداء الأمر استحقاقا وحفظه كرمنا عليه فلم يجد الغير اليه استطراقا اقتضى حسن الرأي