وخلصت من تبعاته ذممها وتبعت فيه آثار من سلف من الملوك الكرام وأعارته كلي نظرها وقامت بواجبه حق القيام أمر المدارس التي هي مسقط حجر الاشتغال بالعلم ومستقر قاعدته وقطب فلك تطلابه ومحيط دائرته وميدان فرسان المشايخ ومدار رجالها ومورد ظماء الطلبة ومحط رحالها لا سيما المدارس الأيوبية التي أسس على الخير بناؤها وكان عن صلاح الدين منشؤها فتألق برقها واستطار ضياؤها .
ومن أثبتها وثيقة وأمثلها في الترتيب طريقة المدرسة القمحية بالفسطاط الآخذة من وجوه الخير بنطاقها والمخصوص بالسادة المالكية امتداد رواقها إن اعتبرت رعاية المذاهب قالت مالك وما مالك وإن عملت حسبة المدارس في البر كانت لها فذالك قد رتب بها أربعة دروس فكانت لها كالأركان الأربعة وجعلت صدقتها الجارية برا فكانت أعظم برا وأعم منفعة .
ولما كان المجلس العالي القاضوي الشيخي الكبيري العالمي العاملي الأفضلي الأكملي الأوحدي البليغي الفريدي المفيدي النجيدي القدوي الحجي المحققي الإمامي الجمالي جمال الإسلام والمسلمين شرف العلماء العاملين أوحد الفضلاء المفيدين قدوة البلغاء زين الأمة أوحد الأئمة رحلة الطالبين فخر المدرسين مفتي الفرق لسان المتكلمين حجة المناظرين خالصة الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين أبو محمد عبد الله الأقفهسي المالكي ضاعف الله تعالى نعمته هو عين أعيان الزمان والمحدث بفضله في الآفاق وليس الخبر كالعيان ما ولي منصبا من المناصب إلا كان له أهلا ولا أراد الانصراف من مجلس علم إلا قال له مهلا ولا رمى إلى غاية إلا أدركها ولا أحاط به منطقة طلبة إلا هزها بدقيق نظره للبحث وحركها إن أطال في مجلسه أطاب وإن أوجز قصر محاوره عن الإطالة وأناب وإن أورد سؤالا عجز مناوئه عن جوابه أو فتح بابا في المناظرة أحجم مناظره عن سد بابه وإن ألم ببحث أربى فيه وأناف وإن أفتى بحكم اندفع عنه المعارض وارتفع فيه الخلاف فنوادره المدونة فيها البيان والتحصيل