مدته ثم يخرج من دنياه كخروجه من بطن أمه إما سعيدا بعمله وإما شقيا بسعيه .
وإنا لما وقفنا عليه من سديد مذهبك وقويم طريقتك وجميل هديك وحسن سيرتك ورجوناه فيك وقررناه عندك من سلوك الطريقة المثلى واقتفاء آثار أئمة الهدى والعمل بالحق لا بالهوى رأينا تقليدك القضاء بين أهل ثغر برقة وأمرناك بتقوى الله الذي لا يعجزه من طلب ولا يفوته من هرب وبطاعته التي من آثرها سعد ومن عمل بها حمد ومن لزمها نجا ومن فارقها هوى وأن تواصل الجلوس لمن بحضرتك من الخصوم صابرا بنفسك على تنازعهم في الحقوق وتدافعهم في الأمور غير برم بالمراجعات ولا ضجر بالمحاكمات فإن من حاول إصابة فصل القضاء وموافقة حقيقة الحكم بغير مادة من حلم ولا معونة من صبر ولا سهمة من كظم لم يكن خليقا بالظفر بهما ولا حقيقا بالدرك لهما وأن تقسم بين الخصمين إذا تقدما إليك وجلسا بين يديك في لحظك ولفظك وتوفي كل واحد منهما قسمه من إنصافك وعدلك حتى ييأس القوي من ميلك ويأمن الضعيف من حيفك فإن في إقبالك بنظرك وإصغائك بسمعك إلى أحد الخصمين دون صاحبه ما أضل الآخر عن حجته وأدخل الحيرة على فكره ورويته وأن تحضر مجلس قضائك من يستظهر برأيه ومن يرجع إلى دين وحجا وتقى فإن أصبت أيدك وإن نسيت ذكرك وأن تقتدي في كل ما تعمل فيه رويتك وتمضي عليه حكمك وقضيتك بكتاب الله الذي جعله صراطا مستقيما ونورا مستبينا فشرع فيه أحكامه وبين حلاله وحرامه وأوضح به مشكلات الأمور فهو شفاء لما في الصدور وما لم يكن في كتاب الله جل وعز نصه فإن فيما يؤثر عن النبي حكمه وما لم يكن في حديث رسول الله اقتفيت فيه سبيل السلف الصالح من أئمة الهدى Bهم الذين لم يألوا الناس اختبارا ولا ادخروهم نصيحة واجتهادا عالما أنك أسعد بالعدل ممن تعدل عليه وأحظى بإصابة الحق ممن تصيبه فيه لما تتعجله من جميل أحدوثته وذكره ويذخر لك من عظيم ثوابه