خالق الخلق بلا ظهير ومصورهم في أحسن تصوير الذي دبر فأتقن التدبير وعلا عن المكلف والمشير المان على عباده بأن جعلهم بالتوازر إخوانا وبالتظافر أعوانا وأفقر بعضهم إلى بعض في انتظام أمورهم وصلاح جمهورهم .
يحمده أمير المؤمنين أن استخلفه في الأرض وناط به أسباب البرم والنقض واسترعاه على بريته واستخلصه لخلافته وقيضه لإعزاز الإسلام وحياطة الأنام وإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام ويسأله الصلاة على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وخيرة الأصفياء المؤيد فأفضل الظهراء وأكمل الوزراء علي بن أبي طالب المتكفل في حياته بنصره وإظهار شريعته والقائم بعد وفاته مقامه في أمته صلى الله عليهما وعلى الأئمة من ذريتهما مفاتيح الحقائق ومصابيح الخلائق وسلم وشرف وكرم .
وإن الله تعالى نظر لخلقه بعين رحمته وخص كلا منهم بضرب من ضروب نعمته وأقدرهم بالتعاضد على انتظام أمورهم الوجودية وأوجدهم السبل بالترافد إلى استقامة شؤونهم الدنيوية لتنبجس عيون المعاون بتوازرهم وتدر أخلاف المرافق بتظافرهم .
وأولى الناس باتخاذ الوزراء واستخلاص الظهراء من جعله الله تعالى إلى حقه داعيا ولخلقه راعيا ولدار الإسلام حاميا وعن حماه مراميا واستخلفه على الدنيا وكلفه سياسة المسلمين والمعاهدين ولذلك سأل موسى عليه السلام وهو القوي الأمين في استخلاص أخيه هارون لوزارته وشد أزره بموازرته فقال ( واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري ) واستوزر محمد وهو المؤيد المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ابن عمه عليا سيد الأوصياء بدليل قوله له أنت مني كهارون من موسى