المطعم والمشرب طرفا يقف به عند أول الكفاية ولا يبلغ منه إلى آخر النهاية وأن يعرض نفسه على أسباب الحاجة كلها وعوارض البشرية بأسرها لئلا يلم به من ذلك ملم أو يطيف به طائف فيحيلانه عن جلده ويحولان بينه وبين سدده وليكن همه إلى ما يقول ويقال له مصروفا وخاطره على ما يرد عليه ويصدر عنه موقوفا قال الله تعالى ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) .
وأمره إذا ثبت عنده حق من الحقوق لأحد من الخصوم أن يكتب له متى التمس ذلك صاحب المعونة في عمله بأن يمكنه منه ويحسم المعارضات فيه عنه ويقبض كل يد تمتد إلى منازعته أو تتعدى إلى مجاذبته فقد ندب الله الناس إلى معاونة المحق على المبطل والمظلوم على الظالم إذ يقول D ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) .
وأمره أن يستصحب كاتبا دربا بالمحاضر والسجلات ماهرا في القضايا والحكومات عالما بالشروط والحدود عارفا بما يجوز وما لا يجوز غير مقصر عن القضاة المستورين والشهود المقبولين في طهارة ذيله ونقاء جيبه وتصونه عن خبث المآكل والمطاعم ومقارفة الريب والتهم فإن الكاتب زمام الحاكم الذي إليه مرجعه وعليه معوله وبه يحترس من دواهي الحيل وكوامن الغيل وحاجبا سديدا رشيدا أديبا لبيبا لا يسف إلى دنية ولا يلم بمنكرة ولا يقبل رشوة ولا يلتمس جعالة ولا يحجب عنه أحدا يحاول لقاءه في وقته