وقد أمر الله نبيه وأزلف محله لديه بالاستظهار بالمشاورة مع عظم خطره وشرف قدره فقال ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) .
وأمره أن يختار للحكم الأماكن الفسيحة الأرجاء الواسعة الفضاء وينظر في أمور المسلمين نظرا تفتر ثغور العدل فيه وتلوح خشية الله من مطاويه فيوصل إليه كافة الخصوم ويبرز لهم على العموم غير مشدد حجابه ولا مرتج دون المترافعين إليه بابه وأن يولي كلا من الإقبال عليه وحسن الإصغاء إليه ما يكون بينهم فيه مساويا ولهم في مجمع الموازاة حاويا ولا يعطي من ألتفاته إلى الشريف لشرفه وذي الشارة الحسنة من أجل ثوبه ومطرفه ما يمنعه من تقحمه العيون وتترجم في خموله الظنون فإن ذلك مطمع لذي الرواء في دفع الحق إذا وجب عليه والتماس الباطل وإن ضعفت الدواعي إليه مؤيس لذي الخمول من الانتصار لحقه وإن أسفر صبح يقينه ونطقت ألسنة أدلته فالناس وإن تباينوا في الأقدار والقيمة وتفاوتوا في الأرزاق المقسومة فالإسلام لهم مجتمع والحق أحق أن يتبع وهم عند خالقهم سواء إلا من ميزته التقوى وتمسك بسببها الأقوى قال الله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
وقال تعالى ( إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) .
وأمره أن يتأمل أحوال المترافعين إليه والخصوم لديه ويتطلب ما وقع نزاعهم لأجله في نص الكتاب ويعدل إلى السنة عند عدمه من هذا الباب فإن