تصل إليه ومسافة تختارها كأنها عسكر واحد في اجتماعها على العدو وأخذها بالحزم ومسيرها على راياتها ونزولها في مراكزها ومعرفتها بمواضعها إن ضلت دابة من موضعها عرف أهل العسكر من أي المراكز هي ومن صاحبها وفي أي المحل حلوله منها فردت إليه هداية معروفة بسمت صاحب قيادتها فإن تقدمك في ذلك وإحكامك له طارح عن جندك مؤونة الطلب وعناية المعرفة وابتغاء الضالة .
ثم اجعل على ساقتك أوثق أهل عسكرك في نفسك صرامة ونفاذا ورضا في العامة وإنصافا من نفسه للرعية وأخذا بالحق في المعدلة مستشعرا تقوى الله وطاعته آخذا بهديك وأدبك واقفا عند أمرك ونهيك معتزما على مناصحتك وتزيينك نظيرا لك في الحال وشبيها بك في الشرف وعديلا في الموضع ومقاربا في النسب ثم أكثف معه الجمع وأيده بالقوة وقوه بالظهر وأعنه بالأموال واعمده بالسلاح ومره بالتعطف على ذوي الضعف من جندك ومن أزحفت به دابته وأصابته نكبة من مرض أو رجلة أو آفة من غير أن يأذن لأحد منهم في التنحي عن عسكره أو التخلف بعد ترحله إلا لمجهود سقما أو لمطروق بآفة جائحة .
ثم تقدم إليه محذرا ومره زاجرا وأنهه مغلظا في الشدة على من مر به منصرفا عن معسكرك من جندك بغير جوازك شادا لهم أسرا وموقرهم حديدا ومعاقبهم موجعا وموجههم إليك فتنهكهم عقوبة وتجعلهم لغيرهم من جندك عظة