ودق وتعبوا لراحة الكافة تعبا صعب وعظم وشق وكان ذلك سرا من أسرار الحكمة وضربا من أفضل تدبير الأمة إذ لو ساوى بين الرئيس والمرؤوس والسائس والمسوس لاختلط الخصوص بالعموم ولم يبق فرق بين الإمام والمأموم .
وقد استخلص الله أمير المؤمنين من أشرف أسرة وأكرم عصابة وأيده في جميع آرائه بالحزامة والجزالة والأصالة والإصابة وقضى لأغراضه أن يكون السعد لها خادما وحتم لمقاصده أن يصاحبها التوفيق ولا ينفك لها ملازما وجمع له ما تفرق في الخليقة من المفاخر والمناقب وألهمه النظر في حسن الخواتم وحميد العواقب .
ولما كان ولي عهد أمير المؤمنين أكبر أبناء أمير المؤمنين والمنتهي لأشرف المراتب من تقادم السنين وقد استولى على الفخر باكتسابه وانتسابه وتصدت له مخطوبات الرتب ليحوزها باستحقاقه واستيجابه وله من فضيلة ذاته ما يدل على النبإ العظيم وعليه من أنوار النبوة ما يهتدي به الساري في الليل البهيم وحين حوى تالد الفخر وطارفه ولم يستغن بالقديم عن الحديث ولا بالحديث عن القديم والصفات إذا اختلفت أربابها لا تقع إلا دونه والثواب الجزيل مما أعده الله للذين يخلصون فيه ويتولونه وليفخر بأن خص من العناية الملكوتية بالحظ الأجزل وليتسمح على البرايا ليكون ممدوحا بالكتاب المنزل وليبذخ فإن وصفه لا تبلغ غايته وإن استخدمت فيه الفكر وليبجح فإن فضله لا يدرك حقيقة إلا إذا تليت السور فأمتعه الله بمواهبه لديه وأمتع أمير المؤمنين به وأجرى أموره عاجلا وآجلا بسببه .
رأى أمير المؤمنين أن يختصه بولاية عهد أمير المؤمنين تمييزا له بهذا