ذلك وتصويبهم له خروجا من الخلاف فقد حكى الرافعي C وجهين فيما إذا كان المعهود إليه أجنبيا من العاهد ليس بولد ولا والد هل يجوز أن ينفرد بعقد البيعة له وتفويض العهد إليه ولا يستشير فيه أحدا أصحهما الجواز لأن العهد إلى عمر Bه لم يوقف على رضا الصحابة رضوان الله عليهم ولأن الإمام أحق بها فكان اختياره فيها أمضى وقوله فيها أنفذ .
وحكى الماوردي في جواز انفراد العاهد بالبيعة فيما إذا كان المعهود إليه والدا أو ولدا ثلاثة مذاهب .
أحدها ما اقتصر الرافعي C على نسبته إلى الماوردي ومقتضى كلامه ترجيحه أنه يجوز الانفراد بعقدها للولد والوالد جميعا لأنه أمير للأمة نافذ الأمر لهم وعليهم فغلب حكم المنصب على حكم النسب ولم يجعل للتهمة طريقا على أمانته ولا سبيلا إلى معارضته .
والثاني أنه لا يجوز انفراده بها لولد ولا والد حتى يشاور فيه أهل الاختيار فيرونه أهلا لها فيصح منه حينئذ عقد البيعة لأن ذلك منه تزكية له تجري مجرى الشهادة وتقليده على الأمة يجري مجرى الحكم والشهادة والحكم ممتنعان من الولد والوالد للتهمة لما جبل عليه من الميل إليهما .
والثالث أنه يجوز أن ينفرد بعقد البيعة لوالده دون ولده لأن الطبع إلى الولد أميل فأما عقدها لأخيه وغيره من الأقارب والمناسبين فكعقدها للأجانب في جواز الانفراد بها .
ومنها أن ينبه على العلم بحياة المعهود إليه ووجوده إن كان غائبا فقد قال الماوردي إنه لو عهد إلى غائب مجهول الحياة لم يصح عهده وإن كان معلوم الحياة صح ويكون موقوفا على قدومه .
ومنها أن ينبه على أن المعهود إليه منصوص عليه بمفرده أو وقع العهد شورى في جماعة وأفضت الخلافة إلى واحد منهم بإخراج الباقين أنفسهم منها