فمن جذع لفراقه يتألم وجماد بصدق نبوته يتكلم وجيش شكا الظمأ ففجر لديه المعين منه بنانا وأي معجزة ككتاب الله الذي لا تنقضي عجائبه فهو اليم والعلوم النافعة كلها مذانبه وأفق الحق الذي تهدي في ظلمات البر والبحر كواكبه والحجة البالغة التي أصبحت بين الحق والباطل فرقانا فأشرقت الأرض بنور ربها وآياته وتمت كلمة الله صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وبلغ ملك أمته ما زوي له من أقطار المعمور وجهاته حتى عمر من أكناف البسيطة وأرياف البحار المحيطة وهادا وكثبانا ونقلت كنوز كسرى بعز دعوته الغالبة وظفرت بفلج الخصام أيدي عزائمها المطالبة وأصبح إيوان فارس مجر رماح العرب العاربة وقذفت قيصر من ذوابلها بالشهب الثاقبة حتى فر عن مدرته الطيبة آئبا بالصفقة الخائبة وخلصت إلى فسطاط مصر بكتائبها المتعاقبة فلا تسمع الآذان في إقامتهم إلا إقامة وأذانا ولا دليل أظهر من هذا القطر الأندلسي الغريب الذي خلصت إليه سيوفها أثباج البحار على بعد المراحل ونزوح الديار وتكاثف العمالات واختلاف الأمصار ومنقطع العمارة بأقصى الشمال ومحط السفار طلعت عليه كلمة الله طلوع النهار واستوطنته قبائل العرب الأحرار وأرغمت فيه أنوف الكفار ضرابا في سبيل الله وطعانا .
ولما استقام الدين وتمم معالم الإيمان الرسول الأمين وظهر الحق المبين وراق من وجه الملة الحنيفية السمحة الجبين وأخذ المسالك والمآخذ