والذي ما ارتقى صهوة المنبر بحضرة سلطان زمانه إلا قال ناصره وقام قائمه ولا قعد على سرير الخلافة إلا وعرف بأنه ما خاب مستكفيه ولا غاب حاكمه نائب الله في أرضه والقائم بمقام رسول الله وخليفته وابن عمه وتابع عمله الصالح ووارث علمه سيدنا ومولانا عبد الله ووليه أحمد أبو العباس الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين أيد الله تعالى ببقائه الدين وطوق بسيفه رقاب الملحدين وكبت تحت لوائه المعتدين وكتب له النصر إلى يوم الدين وكف بجهاده طوائف المفسدين وأعاذ به الأرض ممن لا يدين بدين وأعاد بعدله أيام آبائه الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون وعليه كانوا يعملون ونصر أنصاره وقدر اقتداره وأسكن في قلوب الرعية سكينته ووقاره ومكن له في الوجود وجمع له أقطاره .
ولما انتقل إلى الله ذلك السيد ولحق بدار الحق أسلافه ونقل إلى سرير الجنة عن سرير الخلافة وخلا العصر من إمام يمسك ما بقي من نهاره وخليفة يغالب مربد الليل بأنواره ووارث بني بمثله ومثل أبيه استغنى الوجود بعد ابن عمه خاتم الأنبياء عن نبي مقتف على آثاره ونسي ولم يعهد فلم يبق إذ لم يوجد النص إلا الإجماع وعليه كانت الخلافة بعد رسول الله بلا نزاع اقتضت المصلحة الجامعة عقد مجلس كل طرف به معقود وعقد بيعة عليها الله والملائكة شهود وجمع الناس له ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) فحضر من لم يعبأ بعده بمن تخلف ولم يربأ معه وقد مد يده طائعا بمن مدها وقد تكلف واجتمعوا على رأي واحد واستخاروا الله تعالى فيه فخار وناهيك بذلك من مختار وأخذت يمين تمد إليها الأيمان ويشد بها الإيمان وتعطى عليها المواثيق وتعرض أمانتها على كل فريق حتى تقلد كل