والقاضب وبرزت تلك الخلع فابيض وجه الإسلام من سوادها ووضع الكتاب فكادت المنابر تسعى إليه شوقا من أعوادها وقرئت وصايا الإمام على الأنام فعلموا أنها من تراث الرسالة وقالوا كافل الإسلام جدد له بهذا الصقع الغربي حكم الكفالة وسمعوا من التقدم بإنصافهم والتهمم بمواسطهم وأطرافهم جملا عفروا لها الجباه جودا بالجهد وسجدوا للشكر والحمد فأدركوا من بركة المشاهد أثبت شرف وأبقاه ورأوا حقيقة ما كادت الأوهام تزول عن مرقاه وازدادوا يقينا بفضل ما صاروا إليه ورأوا عيانا يمن ما بايعوا عليه فتوافت طوائفهم المتبوعة وجماهيرهم المجموعة بدارا إلى المراضي الشريفة وبناء على وصايا عهد الخليفة أن يجددوا البيعة لمجاهد الدين سيف أمير المؤمنين تولى الله عضده ولابنه الواثق بالله المعتصم به أنهضه الله بإمرته بعده ولم تعد أن تكون الزيادة الطارئة شرطا في تقرير الإمرة المؤداة وإثباتها أو جارية مجرى السنن التي يؤمر المصلي بالإعادة عند فواتها فأعادوا بيعته أداء للفريضة ورجاء للفضيلة واستندوا إلى الإشارات الجليلة بعد الاستخارات الطويلة ورأوا أن يأخذوا بها عادة البيعات العباسية واتخاذ حكم الأصل طريق الإلحاقات القياسية فبايعوا على تذكر بيعة أكدوها بالعهود المستحفظة ووثقوها بالأيمان المغلظة وبادروا بها نداء مناديهم وأعطوا على الإصفاق بها صفقة أيديهم .
ولما انتهى ذلك إلى الملإ من أهل فلانة وجهاتها رأوا أن يحلف من سبق ويصدقوا النية مع من صدق ويعقدوا ما عقدوا على ما صرح به العهد الشريف ونطق فحضر منهم العلماء والصلحاء والأجناد والوزراء والفقهاء والكافة على تباينهم في المراتب وتفاوتهم في المناصب واختلافهم في المواطن والمكاسب فأمضوها بيعة كريمة المقاصد سليمة المعاقد عهدها محكم