على أن جعل عذري إلى من يتمحل العذر للمعتذر ويصفح صفح المالك المقتدر كأنما ائتم بقول الشاعر - طويل - .
( إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالا لزلته عذرا ) .
ولم يجعله إلى من يغلب هاجس الظنون على واضح الحجة ومعتل الشك على صحيح اليقين ونمي إلي أن غابطا لمكاني من حضرته حسدني على محلي من مودته وزور ما ينكشف عن الإفك والبهتان ودلس الكذب في صورة البرهان فلما جلاه في معارض زخارفه أظهر لسيدي عواره وأبدى لطرفه شواره فشل سمعه عن وعيه وطرف طرفه عن رعيه واستنم علائم شيمته في حسن الضن بأحبته فقدمت من الاعتذار ما يقدمه المذنب نزولا على طاعته وتأدبا في خدمته وشفعته من الشكر بما يقتضيه إحسانه ويوجبه .
أبو الفرج الببغاء .
أحق المعاذير بالتقبل وأولاها بسعة القلوب ما صدر عن استكانة الأقدار ودل على حسم مواد الأضرار وصفا من كدر الاحتجاجات وتنزه عن تمحل الشبهات ليخلص به ملك العفو وتتكامل نعمة التجاوز ولست أكره شرف تأديبه ونبل تثقيفه وتهذيبه ما لم يتجاوز في العقوبة والتقويم إلى مؤلم الإعراض ومضيض التنكر والانقباض ولا أخطب الإقالة من تفضله إلا بلسان الثقة وشافع الخدمة هاربا إلى سعة كرمه مما دفعتني المحبة إليه وأشفى بي عدم التوفيق عليه فإن رأى أن يكون عند أحسن ظني به الصفح كما هو عند أصدق أملي فيه بالإنعام فعل