شوق المملوك إلى مولانا بحسب مكانه من تفضله وحظه من جميل نظره واختصاصه بإنعامه واغتباطه بشرف خدمته ومكانه من إيثاره والله يجمع للمملوك شمل السعادة بمشاهدة حضرته من الدهر بالنظر إلى غرته على الحال السارة فيه وبه .
وله شوق المملوك إليه شوق الظمآن إلى القطر والساري إلى غرة الفجر .
وله شوقي إليه شوق من لم يجد مع بعده عوضا عنه فتقوده الزيادة إلى الانصراف بالرغبة عنه .
وله شوقي إليه شوق من فقد بالكره سكنه وفارق بالضرورة وطنه .
وله لو كان ما يصدره من خطاب ويناجيه به من متضمن كتاب بقدر ما أعانيه من ألم الشوق إلى غرته ومضض الفائت من مشاهدته لما أحاطت بذكره بسطه لسان ولا ناب في إثباته استخدام بنان .
وله أما الدهر فما يستحق من إبعاد المملوك عنه عتبا ولا يعد ما جناه من ذلك ذنبا إذ كان إنما نقل من حشمة المخاطبة إلى انبساط المكاتبة .
وله وقدره أبقاه الله تعالى يرتفع عن ذكر الشوق إليه فالمملوك يعبر عنه بذكر الشوق إلى ما فارقه من تفضله وبعد عنه من أوطان تطوله .
وله ولولا أن المملوك يخمد نار الاشتياق ويبرد أوار الفراق بالتخيل الممثل لمن نأت محلته والتفكر المصور لمن بعدت شقته لألهبت أنفاسه وأسعرت حواسه وهمت دموعه وأنقضت ضلوعه والله المحمود على ما وفق له من تمازج الأرواح عند تباين الأشباح .
وله ولا بد أن يكف بالمكاتبات من غرب الاشتياق ويستعين بأنس