إن الله تعالى أمر أهل طاعته بتنزيل هذه الدنيا بمنزلتها من إهانته وسوى بين البر والفاجر في رغائبها ومصائبها ولم يجعل العطية دليلا على رضاه ولا الرزية دليلا على سخطه ولكنه ألزم كل واحد من أهل الرضا والسخط من نعمها بنصيب وسقاهم من حوادثها بذنوب ليبتلي أهل رضاه في أهون الدارين عليه ويحسن لهم الجزاء في أكرمهما لديه ولذلك حبب إليهم الزهادة في زهيد فائدتها وممنوح زهرتها وسماها لعبا ولهوا لئلا يعلقوا بحطامها وينغمسوا في آثامها وختمها بالموت الذي كتبه على خليقته وسوى بينهم في سكرته ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) ويقربهم بدار يفنى الموت ويبقون فيها بعده كما فنوا في هذه الدار وبقي الموت بعدهم فإن تأخر الأجل فإلى غاية وإن تطاول الأمد فإلى نهاية ولا بد أن يلحق التالي الماضي والآنف بالسالف وهذه حال نصب الأفكار وتلقاء الأبصار لا تحتاج أن يرتاض الصبر على آلامها والتحمل لمعضلات سهامها والجزع عند وقوعها قادح في البصائر والأفهام دال على الجهل بالليالي والأيام وقد طرق المملوك ناعي فلان فهد جلدي وفتت كبدي لا ارتياعا للحادثة لأنها لو لم تكن فيه لكانت في المملوك ولو لم تتطرق إليه لتطرقت إلى المدرك ولكن الأسف على عطل الزمان من حلية فضله وتعريه من حلة نبله وخلو عراصه من الأنس بمثله وما نال سيدي لفقده وتحمله من بعده وإلى الله تعالى يرغب المملوك أن يربط على قلبه بالصبر ويوفقه لتنجز ما وعد به الصابرين من الأجر إن شاء الله تعالى .
علي بن خلف .
رقعة ليس عند المصيبة أطال الله بقاء سيدي خير من التسليم إلى الله والرضا بقضائه والصبر على بلائه فإنه تعالى مدح الصابرين في كتابه ووعدهم بصلواته فقال جل قائلا ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا