المملوك يقبل البساط الذي ما فتيء لنشر المعدلة مبسوطا وكل امل ببره منوطا .
وينهي إلى العلم الشريف علمه بهذه المصيبة التي أصابت فؤاد كل محب فأصمته وطرقت سمع كل ولي فأصمته وولجت كل قلب فأحرقته صبابة وحزنا ومرت على الصلد فصدعته ولو كان حزنا وهي وفاة فلان سقى الله عهده وأسكن الرحمة ثراه ولحده فشق أسفا على المفقود جيب كل جنان وطوى الأكباد على جراحها وحسر الأجساد على أرواحها - طويل - .
( وما هي إلا نكبة أي نكبة ... أهاجت سعيرا في الحشا يتلهب ) .
( فلا جسم إلا بالتحرق ذائب ... ولا قلب إلا في الأسى يتقلب ) .
( بكى كل جفن مصرع السيف فاغتدت ... عيون عليه في الأباطح تسكب ) .
( لقد هال عذالي بكائي تعجبا ... وإن بكائي بعد فقده أعجب ) .
( فلورام قس وصف حزني ولوعتي ... لقصر في أوصافه حين يسهب ) .
( فوالله لا جفت جفوني من البكا ... وإن زاد عذالي العتاب وأطنبوا ) .
ولهذا أصدر المملوك هذه المطالعة يدعو لمولانا فيها ويعزيه ويندب فقيده بألسنة الأقلام ويبكيه ويبشره بما وعد الله الصابرين على مثل هذه الرزية ويسليه فيا لها نازلة فجعت بغصن رطيب وقمر يرفل من الشبيبة في ثوب قشيب وصدعت القلوب بفقد حبيب وأي حبيب - سريع - .
( والموت نقاد على كفه ... جواهر يختار منها الجياد ) .
وبعد فللمملوك في هذه الرزية مشاركة كادت تباين بين روحه والجسد وهو المصيب لهذه المصيبة ما تجده الوالهة على فقد الولد لا يستقر به قرار ولا ينجيه من يد الحزن فرار دأبه البكاء والعويل وحزنه العريض الطويل فواضعفاه عن حمل هذا المصاب وواأسفاه على مسافر لا ينتظر له قدوم ولا إياب وواعجباه لضدين اجتمعا لوالده الكريم الجناب - طويل - .
( تخون المنايا عهده في سليله ... وتنصره بين الفوارس والرجل )