واجتمع فيه إلى رقة الصبا وضعف الأسر والقوى اعتياد الرحمة ومخالفة الترفه والتنقل بين الشهوات على أن كل واحد من الأميرين شهد المعركة أعزل حاسرا وباشر الحرب مغررا مخاطرا فثبت لوقع السلاح وصبر على ألم الجراح وأبلى بلاء الفارس المدجج والكمي المقنع ثم خرج خروج شبل الليث وفرخ العقاب كالقدح المعلى والشهاب الساطع والنجم الثاقب وكان فلان أكثرهما تغيرا في وجه قرنه وسطوة على منازله وكل قد حصل فوق الخصل وحوى فضيلة السبق واستحق اسم البأس والشدة وحلية البسالة والنجدة .
ومن ذلك ما اورده أبو الحسين بن سعد في كتابه .
الحمد لله الذي كساك باللحية حلة الوقار ورداك رداء ذي السمت من الأبرار والأخيار وصانك عن ميسم الصبا ومطامع أهل الهوى بما جللك من اللحية البهية وألبسك من لباس ذوي اللب والروية وألحقك في متصرفاته بمن يستقل بنفسه ساعيا ويستغني عمن صحبه حافظا وجعل ما جمل من صورتك وكمل من ادائك وآلتك قرنا لمن جاذبك وخصما لمن نازعك ونفى عنك ذلة الاحتقار من أهل المراتب والأخطار تستوي بهم في المجالس الحافلة وتجري مجراهم في المشاهد الجامعة مسموعا قولك إذا قلت ومصغى إليك إذا نطقت آمنا من انصراف الأبصار عنك لقرب ولادك ومن عدم الاستماع لحديثك لقلة الثقة بسدادك وجاريا مجرى كملة الرجال على الجملة إلى أن يكشف الله مخابرك بالمحنة وتعطى المهابة من الداعر العادي ومن السبع الضاري ولو كان عاريا من هذه الكسوة الشريفة والحلية الملحوظة لسيقت إلى الازدراء بالأعين والاستصغار بالقلوب والألسن أصناف الحيوان من البهيمة والإنسان ثم لا يحس من نفسه قوة على الدفع عنها ولا من صرعته ثباتا على يدها فيه وتلك نعمة من الله جل وعز حباك