احمد النصرة البدرية في صفوفها ومواكبها وحصن المرقب وقد ألقت عليه الملة الإسلامية أشعة سعدها وانجزت له الايام من الشرف بها آماله بعد ما طال انتظاره لوعدها وأمنته الأقدار التي ذللته للإسلام أن تطاول إليه الحوادث من بعدها وقد أحاطت العلوم بأن هذا الحصن طالما شحت الأحلام أن تخيل فتحه لمن سلف من الأنام فما حدثت الملوك أنفسها بقصده إلا وثناها الخجل ولا خطبته ببذل النفائس والنفوس إلا وكانت من الحرمان على ثقة ومن معاجلة الأجل وقته على وجل وحوله من الجبال كل شامخ تتهيب عقاب الجو قطع عقابه وتقف الرياح خدما دون التوقل في هضابه وحوله من الاودية خنادق لا تعلم منها الشهور إلا بأنصافها ولا تعرف فيها الأهلة إلا بأوصافها وهو مع ذلك قد تقرط بالنجوم وتقرطق بالغيوم وسما فرعه إلى السماء ورسا أصله في التخوم تخال الشمس إذا علت أنها تتنقل في أبراجه ويظن من سما إلى السها أنه ذبالة في سراجه فكم من ذي جيوش قد مات بغصة وذي سطوات اعمل الحيل فلم يفز من نظره على البعد بفرصة لا يعلوه من مسمى الطير سوى نسر الفلك ومرزمه ولا يرمق متبرجات أبراجه غير عين شمسه والمقل التي تطرف من أنجمه وقد كان نصب عليه من المجانيق ما سهامه انفذ من سهام الجفون وخطراته أسرع من لحظات العيون لا يخاطب إلا بوساطة رسله بضمير الطلاب ولا يرى لسان سهمه إلا كما ترى خطفات البرق إذا تألق في علو السحاب فنزلت عليه الجيوش نزول القضاء وصدمته بهممها التي تستعير منها الصوارم سرعة المضاء وروعة الانتضاء فنظرت منه حصنا قد زرر عليه الجوجيب غمامه وافتر ثغره كلما جذب عنه البرق فاضل لثامه فتذللت صعابه وسهلت عقابه وركزت للجنوبات في سفحه وطالما رامت الطير أدناه فلم تقو عليه القوادم وكم همت العواصف بتسنم رباه فأصبحت مخلفة تبكي عليها الغمائم فضرب بينها وبين الحصن بسور باطنه فيه الرحمة