في محكم كتابه وقد ظهر المشركون على المسلمين ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس ) وقال ( ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) وناوب بين الفريقين في المصائب والمواهب والمسار والمضار ليشفي الله صدور المؤمنين وليمحص ما في قلوبهم ويوجب لهم إخلاص السرائر في طاعته والجهاد في سبيله والنصرة لرسوله والمراماة عن دينه والمدافعة عن حريمه ضعف الثواب وحسن المآب ويحل بالمشركين ما أعد لهم في دار الجزاء من أليم العذاب .
وإذا كان الحال بين الفريقين المتلاقيين والفئتين المتجاورتين والحزبين المتحاكمين في تعاور الغلبة وتعاقب الدولة جاريا على تقدير الله ومتصرفا على حكمه ومستوسقا على ما سبق في علمه فليس يغني في ذلك زيادة عدد ولا اتصال مدد ولا قوة أيد ولا لطف كيد ولا اختيار وقت محمود للقتال ولا الانتخاب لأهل البسالة والنجدة من الرجال ولا يجب أن يستريث النصر من ابطأ عنه ويستشعر الجزع من نال خصمه منه بعد تحصيله السلامة في نفسه وقيام العذر له بعنايته وجده وقد جمع الله للأمير من المناقب التي ورثها عن آبائه وحازها في صدره والحيازة فيما بان من فضل بأسه وثبات جأشه وأصالة رأيه وصحة تدبيره وإيفائه الحرب شروطها والهيجاء حقوقها من الحزم والتؤدة والإقدام عند الفرصة والإصابة في التقدير والتعبير والاحتياط في سد مواقع الخلل والعورة وإعمال النظر والروية لولا اعتراض القضاء الذي هو مالك نواصي العباد وغير مدفوع بمحال ولا جلاد ولا قوة ولا عدة ولا عتاد ما أوفى حسنه على مزية الظفر وزاد عظمه في السناء والخطر إلى ما شمل عسكره في منقلبه بمراعاته لهم ومدافعته من ورائهم حتى توافى الجمع موفورين وآبوا سالمين غانمين وبالله الحول والقوة وعليه ضمان الإدالة على ما جرى به وعده