ويقيم العذر كما يكاتبهم بتفخيم المنح وتعظيم الفتوحات والتحدث بمواقع المواهب وشكر الله تعالى على إسباغ النعم والإظفار باعداء الدين والدولة ليقوي بذلك منتهم ويرهف بصائرهم ويستخلص طاعتهم ويملأ صدورهم رهبة قال وليست لهذه الكتب رسوم ينتظم كل ما وقع فيها لاختلاف ما يلام فيه ويعتذر .
ثم قال ونحن نرسم في اصوله قولا وجيزا وهو أن يقتضب الكاتب له المعاذير التي تحسن أحدوثته وتستر زلته والحجج التي تعيد اللائم عاذرا والذام شاكرا وتوجب التقريظ من حيث يجب التانيب والإحماد من حيث يستحق التذنيب مثل أن يعتذر عن هزيمة جيش فيقول وقد علمتم أن الحرب سجال والدنيا دول تدال وقد تهب ريح النصر للقاسطين على المقسطين امتحانا من الله وبلوى ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى من غير ان يصرح بباطل ولا يطلق كذبا محضا ولا يختلق زورا يعلم الناس خلافه فتتضاعف الهجنة وتتكاثف المحنة فإنه لا شيء أقبح على السلطان وأقدح في جلالة الشان من أن يعثر في كتبه على إفك قد يعلمه بعض من يقف عليه بل ينبغي أن يعتمد في ذلك حسن التخلص والتورية عن الغرض واستعمال الألفاظ التي تدل على أطراف الحال ولا تفصح بحقائقها .
وهذه نسخة كتاب من ذلك .
الحمد لله الذي ساس الأمور بحكمته وأبان فيها مواقع قدرته وسلك فيها طريق مشيئته وصرفها على ما رآه عدلا بين العباد في أقسام نعمته ومحنته وأحوال بلواه وعافيته وجعل الأيام فيهم نوبا والأحوال بينهم عقبا فخص أولياءه وأهل طاعته بالنصر في المحاكمة والصلح عند المخاصمة والظهور على من شاقهم وعاداهم والقهر لمن ضادهم وناواهم إنجازا لما وعد به الصابرين المحتسبين وإعزازا للدين وانصاره من المؤمنين ولم يخل اعداءه من دولة أدالها لهم وجولة على الحق زادها في طغيانهم ووصل الإملاء لهم فيها بخذلانهم ليجب الثواب للمحسنين ويحق العذاب على الكافرين فقال