القول عليها ويتوسع فيها لتكون فراشا لما يتلوها ثم يقال بعدها وإنما يحمل ذلك أهل الغرارة الذين لم يلوكوا شكائم التجارب ولم يمارسوا ضرائم النوائب وأنت فقد تذوقت من كراهة المعصية ومرارتها وعذوبة الطاعة وحلاوتها ما يرجو امير المؤمنين ان يكون قد وعظك وأدبك وقومك وهذبك وكشف لك عن عاقبتهما وعرفك بغايتهما فدعتك الطاعة إليها بما أسبغته عليك من لباس شرفها ومجدها واستخدمته لك من أنصار إقبالها وسعدها ونهتك المعصية عنها بما بلوته من نوائبها وصنائعها وجربته من مرمض مراميها ومواقعها لأنها أقلت عددك ومزقت مطرفك ومتلدك حتى تداركك من عطف أمير المؤمنين ما أنبتك بعد الحصد وراشك بعد الحص وانتهى إلى امير المؤمنين انك حنيت الى اتباع الضلالة الذين غروك وملت الى اشياع الذين استهووك فأصغيت الى اقوالهم التي ظاهرها نصح وباطنها غش وآرائهم التي مواردها صلاح ومصادرها فساد وملت إلى معاودة الشقاق والارتكاس في العصيان ومقابلة النعمى بالكفران فقدم كتابه إليك مذكرا ومنحك خطابه معذرا منذرا ليعرفك حظك ويهديك رشدك ويدلك على الأحسن لك في مبدئك وعاقبتك ويحذرك من مراجعة ما قارفته وأن تنزل عن المنزلة التي رقاك إليها وتجدب رباعك من النعمة التي أرتعك فيها وتتخلى عن مرابع الدعة التي أوردك عليها فانظر لنفسك حسنا وكن إليها محسنا وانتفع بمراشد أمير المؤمنين ولا تفسدن بخلافك عن أمره نصيبك من الدنيا والدين فارجع إليه مسترغما فإنه يقتدي بالله في الرحمة للمحسنين ما دام مؤثرا لرب لنعمة لديك وإقرارها عليك فاعلم هذا وأعمل به إن شاء الله تعالى .
قال وإن كانت المكاتبة إلى رعية قد خرجت عن الطاعة كتب إليها بما مثاله .
أما بعد وفقكم الله لطاعته وعصمكم من معصيته فإن الشيطان يدلي الإنسان بغروره ويقيم له الضلال في صورة الهدى ببهتانه وزوره مستخفا لطائشي الألباب ومستزلا للأقدام عن موقف الصواب محسنا بكيده