لقدرك وفيما دون ذلك يترك بياض أوسع من ذلك ويكتب فيه المكتوب عنه علامته على ما سيأتي بيانه في مواضعه إن شاء الله تعالى واصطلحوا على أنه بعد انتهاء الكلام في المكاتبة يكتب إن شاء الله تعالى في خطه ثم يكتب التاريخ في سطرين اليوم والشهر في سطر والسنة في سطر ثم تكتب الحمدلة والصلاة على النبي في سطر ثم الحسبلة في سطر على ما تقدم بيانه في الكلام على الفواتح والخواتم في المقالة الثالثة .
وليعلم أن هذه المكاتبات على قسمين .
القسم الأول الابتداءات وهو على أربع درجات سبق توجيه ترتيبها في الكلام على اصول المكاتبات في أول هذه المقالة .
الدرجة الأولى المكاتبة بتقبيل الأرض وهي أعلاها رتبة بالنسبة إلى المكتوب إليه .
واعلم أن كثيرا من كتاب الزمان يظنون أن المكاتبة بيقبل الارض من مخترعات كتاب الدولة التركية بل بعضهم يظن انها من مخترعات المقر الشهابي بن فضل الله وليس كذلك بل المكاتبة بذلك كانت موجودة في أواخر الدولة العباسية ببغداد ثم سرت إلى الديار المصرية في أوائل الدولة الأيوبية فاستعملت بعض الاستعمال والمكاتبة بذلك موجودة في كلام القاضي الفاضل في بعض المكاتبات الملوكية ومن ذلك ما كتب به عن نفسه إلى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في صدر كتاب تهنئة بمولود .
المملوك يقبل الأرض بالمقام العالي الناصري نضر الله الإسلام بمقامه وأهلك أعداء الحق بانتقامه ولا أعدم الأمة المحمدية عقد التزامه بكفالتها ومضاء اعتزامه ثم توسع فيه الكتاب بعد ذلك حتى كاتب به الآحاد بعضهم بعضا .
وقد رتبوا المكاتبة بتقبيل الأرض في المصطلح المستقر عليه الحال على خمس مراتب