وغدت وفي نفسها للأعداء حزازه فامتطوا بخيولهم من جبال لبنان تيجانا لها صاغتها الثلوج ومعارج لا مرافق بها غير الرياح الهوج وانحطت تلك الجيوش من تلك الجنادل انحطاط الأجادل واندفعوا في تلك الأوعار واندفاع الأوعال ولم يحفل أحد منهم بسرب لاصق ولا جبل شاهق فقال أهذا منخفض أو عال وشرعوا في التحصيل لما يوهي ذلك التحصين وابتنى كل سورا أمام أسوارها من التدبير الحسن والرأي الرصين فما لبثوا إلا بمقدار ما قيل لهم دونكم والاختطاب ونقل المجانيق على الخيل وعلى الرقاب حتى جروها بأسرع من جر النفس وأجروها على الأرض سفائن وكم قالوا السفينة لا تجري على يبس وفي الحال نقلت إليها فرأوا من متوقلها من يمشي بها على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ووجهت سهامها وجوهها إلى منافذها فما شوهدت منها عين إلا وكان قدامها منها إصبع وألقيت العداوة بين الحجارة من المجانيق والحجارة من الأسوار فكم ثقبت ونقبت عن فلذة كبدها عن وأوقدت نيران المكايد ثم فكم حولها من صافن ومن صافر وكم رمتهم بشرر كالقصر فوقع الحافر كما يقال على الحافر وما برحت سوق أهل الإيمان في نفاق على أهل النفاق وأكابرهم تساق أرواحهم الخبيثة إلى الساق .
وكان أهل عكا قد أنجدوهم من البحر بكل بر ورموا الإسلام بكل شرر وبكل شر فصار السهم الذي يخرج بها لا يخرج إلا مقترنا بسهام وشرفات ذلك الثغر كالثنايا ولكنها لكثرة من بها لا تفتر عن ابتسام .
وما زالت جنود الإسلام كذلك ومولانا السلطان لا ترى جماعة مقدمة ولا متقدمة إلا وهو يرى بين أولئك .
واستمر ذلك من مستهل ربيع الأول إلى رابع ربيع الآخر فزحف إليها في بكرة ذلك النهار وهو الثلاثاء زحفا يقتحم كل هضبة ووهدة وكل صلبة وصلدة حتى أنجز الله وعده وفتحها المسلمون مجازا وفي