القتل بهم والإسار إلى التكفور ليفون ملك الأرمن الذي كان يحمي سرحهم ويمرد صرحهم ويستنطق هتف التتار ويسترجع صدحهم وتعتز طرابلس الشام بأنه خال ابرنسها الكافر ولسان شورته السفير ووجه تدبيره السافر .
وطالما غر وأغرى وأجر وأجرى وضر وأضرى فلما توكل مولانا السلطان وعزم فتوكل وتحقق أن البلاء به قد نزل وما تشكك أن ذلك في ذهن القدر قد تصور وتشكل وأن يومه في الفتك سيكون أعظم من أمنيته وأعظم منهما معاداة غده وأن نصر الله لن يخلفه صادق وعده أكل يده ندامة على ما فرط في جنب الله وساق الحتف لنفسه بيده فعمر الله بروحه الخبيثة الدرك الأسفل من النار وسقاه الحتف كأسا بعد كأس لم يكن لهما غير الملك من خمار .
وكانت طرابلس هي ضالة الإسلام الشريدة وإحدى آبقاته من الأعوام العديدة وكلما مرت شمخت بأنفها وتأنقت في تحسين منازه منازهها وتزيين ريحانها وعصفها ومرت وهي لا تغازل ملكا بطرفها وكلما تقادم عهدها تكثرت بالأفواج والأمواج من بين يديها ومن خلفها .
إذ البحر لها جلباب والسحاب لها خمار وليس لها من البر إلا بمقدار ساحة الباب من الدار كأنها في سيف ذلك البحر جبل قد انحط أو ميل استواء قد خرج عن الخط وما قصد أحد شطها بنكاية إلا شط واشتط .
قدر الله تعالى أن صرف مولانا السلطان إليها العنان وسبق جيشه إليها كل خبر وليس الخبر كالعيان وجاءها بنفسه النفيسة والسعادة قد حرسته عيونها وتلك المخاوف كلها أمان وقد اتخذ من إقدامه عليها خير حبائل ومن مفاجأته لها أمد عنان وفي خدمته جنود لا تستبعد مفازه وكم راحت