عاملين بقوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) .
وأما ما جعلوه عذرا في الإقامة بأطراف البلاد وعدم الإقدام عليها وأنهم لو فعلوا ذلك ودخلوا بجيوشهم ربما أخرب البلاد مرورها وبإقامتهم فسدت أمورها فقد فهم هذا المقصود ومتى ألفت العباد والبلاد منهم هذا الإشفاق ومتى اتصفت جيوشهم بهذه الأخلاق وها آثارهم موجودة على ملك آل سلجوق وما تعرضوا لدار ولا جار ولا عفوا أثرا من الاثار ولا حصل لمسلم منهم ضرر ولا أوذي في ورد ولا صدر وكان أحدهم يشتري قوته بدرهمه وديناره ويأبى أن تمتد إلى أحد من المسلمين يد إضراره هذه سنة أهل الإسلام وفعل من يريد لملكه الدوام .
وأما ما أرعدوا به وأبرقوا وأرسلوا به عنان قلمهم وأطلقوا وما أبدوا من الاهتمام بجمع عساكرهم وتهيئة المجانيق إلى غير ذلك مما ذكره من التهويل فالله تعالى يقول ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
وأما قولهم وإلا فدماء المسلمين مطلولة فما كان أغناهم عن هذا الخطاب وأولاهم بأن لا يصدر إليهم عن ذلك جواب ومن قصد الصلح والإصلاح كيف يقول هذا القول الذي عليه فيه من جهة الله تعالى ومن جهة رسوله أي جناح وكيف يضمر هذه النية ويتبجج بهذه الطوية ولم يخف مواقع زلل هذا القول وخلله والنبي ( نية المرء أبلغ من عمله ) وبأي طريق تهدر دماء المسلمين التي من تعرض إليها يكون الله له في الدنيا والآخرة مطالبا وغريما ومؤاخذا بقوله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وإذا كان الأمر كذلك