دون المراسلة وتطاولها وتنقل الأحوال والدول وتناقلها لا يزيد مودته إلا استحكام معاقد وانتظام عقائد ووفاء مواعد وصفاء موارد وأنه لا تباعد بين القلوب بغرض المرمى المتباعد ولا تفرق المسافات القواصي ما بين النيات القواصد .
فلما تأخرت الإجابة تقدمت الاسترابة وتناجت الظنون المعتلجة وتراجعت الآراء المختلجة بأن الرسول عاقته دون المقصد عوائق وتقسمته من الأحداث دون الطريق طرائق فلم ترد المكاتبة إلى جنابه ولا أسعد السعي بطروق جنابه الذي تنال السعادة وتجنى به وإلا فلو أنه أم له بلغ ما أمله ولو وصله لأجاب عما أوصله لأن مكارم خلائقه تبعث على التبرع بالمسنون فكيف بقضاء المفروض وشرائف طرائقه تأبى للحقوق الواجبة أن تقف لديه وقف المطرح المرفوض .
فجددنا هذه المكاتبة مشتملة على ذلك المراد وفاوضناه بما يعيره الإصغاء ويجنبه الإلغاء ويحسن له الإنصات ولا يحتاج فيه إلى الوصات ورسمنا أن يكتمه حتى من لسانه وأن يطويه حتى عن جنانه وأن يتمسك بالأمر النبوي في استعانته على أمره بكتمانه فمن حسن الحزم سوء الظن وهل لأرباب الأسرار فرج إلا ما دامت في السجن وقد استلزمنا المرتهن لما استعظمنا الرهن وفوضنا إلى من لا يعترينا فيه الوهم ولا منه الوهن ونحن تحببنا بما يعلم به حسن موقع رسالة الاسترسال وبما يبين به عن دلالة الإدلال وبما يرحب بمودته مجال الجمال والله سبحانه يؤيد الملك بنصر تستخدم له الأقدار وسعادة لا تتصرف في تصريفها أحكام الفلك المدار وإقبال يقابل آراءه وآدابه في فاتحة الورد وعاقبة الإصدار وعز لا يزال منه متوقلا في درجات الاقتدار إن شاء الله تعالى