قال أبوه فضحني ابنك اليوم قال كذا وكذا فقالت إنما ابني صبي وأنت لا تحبه فقال أشبه امرؤ بعض بزه فأرسلها مثلا والبعيد من الفهم مثل قولهم إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر وهو مثل يضرب لمن ينكر الأمر الظاهر عنادا والأصل في ذلك كما ذكره المفضل بن سلمة الضبي أن بني ثعلبة بن سعد بن ضبة في الجاهلية تراهنوا على الشمس فقالت طائفة تطلع الشمس والقمر يرى وقالت طائفة يغيب القمر قبل أن تطلع الشمس فتراضوا برجل جعلوه بينهم حكما فقال واحد منهم إن قومي يبغون علي فقال الحكم إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر فجرت مثلا ومن المعلوم أن قول القائل إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر إذا أخذ على حقيقته من غير نظر إلى القرائن المنوطة به والأسباب التي قيل من أجلها لا يعطي من المعنى ما قد أعطاه المثل بل ما كان يفهم من هذا القول معنى يفيد لأن البغي هو الظلم والقمر ليس من شأنه أن يظلم أحدا فكان يصير معنى المثل إن كان يظلمك قومك لا يظلمك القمر وهو كلام مختل المعنى ليس بمستقيم .
وقد أكثر الناس في تصنيف كتب الأمثال فمن ذلك الأمثال لأبي عبيد وهو مرتب على ترتيب الوقائع التي تقع فيها الأمثال ومن ذلك أمثال الميداني وهي مرتبة على حروف المعجم وفي آخرها جملة من أيام حروب العرب إلى غير ذلك من كتب الأمثال المصنفة في هذا الباب كأمثال الضبي والقمي وغيرها .
وأما الأمثال الواردة نظما فهي كلمات استحسنت في الشعر وطابقت وقائع عامة جارية بين الناس فتداولها الناس وأجروها مجرى الأمثال النثرية وقد روي أن النبي كان يتمثل بقول طرفة