كذا مستعيدا منه سبية نزعها العدو اختلاسا وأخذها مخادعة لا افتراسا فما نزلها حتى استقادها ولا نازلها حتى استعادها فكأنما كان بها جنون فبعث لها من عزائمه عزائم وعلق عليها من رؤوس القتلى تمائم ثم قال وفي هذا من الحسن مالا خفاء فيه فمن شاء أن ينثر شعرا فلينثر هكذا وإلا فليترك ثم نقله إلى معنى آخر وأبرزه في صورة أخرى فأضاف إليه البيت الذي قبله من القصيدة فصار على هذه الصورة .
( بناها فأعلى والقنا تقرع القنا ... وموج المنايا حولها متلاطم ) .
( وكان بها مثل الجنون فأصبحت ... ومن جثث القتلى عليها تمائم ) .
ثم نثرهما فقال بناها والأسنة في بنائها متخاصمة وأمواج المنايا فوق أيدي البانين متلاطمة وما أجلت الحرب عنها حتى زلزلت أقطارها بركض الجياد وأصيبت بمثل الجنون فعلقت عليها تمائم من الرؤوس والأجساد ولا شك أن الحرب تعرد عمن عز جانبه وتقول ألا هكذا فليكسب المجد كاسبه قال وهذا أحسن من الأول وأتم معنى ثم تصرف فيه بزيادة على هذا المعنى فقال بناها ودون ذاك البناء شوك الأسل وطوفان المنايا الذي لا يقال سآوي منه إلى جبل ولم يكن بناؤها إلا بعد أن هدمت رؤوس عن أعناق وكأنما أصيبت بجنون فعلقت القتلى عليها مكان التمائم أو شينت بعطل فعلقت مكان الأطواق قال وهذا الفصل فيه زيادة على الفصل الذي قبله .
قلت وكما ينبغي الإكثار من حفظ الأشعار على ما تقدم ليوردها في خلال كلامه استشهادا وتضمينا أو يحلها ويقتبس معانيها في نثره على ما تقدم بيانه كذلك ينبغي له معرفة المشاهير من الشعراء الطائري السمعة من شعراء الجاهلية كامريء القيس بن حجر والنابغة الذبياني وطرفة بن العبد وأوس