جوابا عنه على أحسن الوجوه وأفضلها ثم يسلمها إلى من يكتب الجواب عنها ممن يعرف اضطلاعه بذلك ثم يقابل الجواب بالتخريج وما وقع به تحته فإن وجد فيها خللا سده أو مهملا ذكره أو سهوا أصلحه وإن رآها قد كتبت على أفضل الوجوه وأسدها لم يفوت فيها معنى ولم يزد إلا لفظا ينمق به كتابه ويؤكد به قوله عرضها على الملك حينئذ ليعلم ثم استدعى من يتولى الإلصاق فألصقها بحضرته وجعل على كل منها بطاقة يشير فيها إلى مضمونها لئلا يسأل عن ذلك بعد إلصاقها فلا يعلم ما هو ثم يسلمها إلى من يتولى تنفيذها إلى حيث أهلت له وتسلم النسخ الملخصة إلى من يؤهله لحفظها وترتيبها .
قلت قد تبين بما تقدم من كلام أبي الفضل الصوري ما كان عليه الحال في زمنه والذي عليه حال الديوان في زماننا فيما يتعلق بذلك أن الكتب الواردة إلى الأبواب السلطانية من أهل المملكة وغيرها من سائر الممالك يتلقاها أكبر الدوادارية وهو مقدم ألف على ما تقدم ذكره في الكلام على ترتيب الديار المصرية ويحضر القاصد المحضر للكتاب من بريدي أو غيره ثم يناوله للسلطان فيفض ختامه وكاتب السر جالس بين يديه فيدفعه السلطان إليه فيقرأه عليه ويستصحبه معه إلى الديوان فإن كان الكتاب عربيا دفعه كاتب السر إلى نائبه أو من يخصه بذلك ليلخص معناه فيعم النظر فيه ويستوفي فصوله ويلخص مقاصدها ويكتب لكل ديوان من الدواوين التي يرفع إليها متعلق ذلك الكتاب ملخصا بالفصول المتعلقة به في ورقة مفردة ليجاوب علها متولي ذلك الديوان بما رسم له من الجواب عنها .
واعلم أن الذي تكتب له الملخصات في زماننا من الدواوين السلطانية خمسة دواوين وهي ديوان الإنشاء وديوان الوزارة وديوان الجيش وديوان الخاص وديوان الإستدارية وهو الديوان المفرد