ذما ولا تعتدوا بالمعروف ما لم تعجلوه ومهما يكن لأحد منكم عند أحد نعمة فلم يبلغ شكرها فالله أحسن لها جزاء وأجزل عليها عطاء واعلموا أن حوائج الناس إليكم نعمة من الله عليكم فلا تملوا النعم فتحولوها نقما واعلموا أن أفضل المال ما أكسب أجرا وأورث ذكرا ولو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ولو رأيتم البخل رجلا رأيتموه مشوها قبيحا تنفر عنه القلوب وتغضي عنه الأبصار أيها الناس إن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه وأعظم الناس عفوا من عفا عن قدرة وأوصل الناس من وصل من قطعه ومن لم يطب حرثه لم يزك نبته والأصول عن مغارسها تنمو وبأصولها تسمو أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
ومن خطب قطري بن الفجاءة خطبته المشهورة في ذم الدنيا والتحذير عنها وهي .
أما بعد فإني أحذركم الدنيا فإنها حلوة خضرة حفت بالشهوات وراقت بالقليل وتحببت بالعاجلة وحليت بالآمال وتزينت بالغرور لا تدوم نصرتها ولا تؤمن فجعتها غرارة ضرارة وخاتلة زائلة ونافذة بائدة أكالة غوالة لا تعدو إذا تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا عنها أن تكون كما قال الله تعالى ( كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا )