وغيرهم من خلفاء الدولتين وأمرائهم خطب فائقة وبلاغات معجبة رائقة يضيق هذا الكتاب عن إيرادها وقد أوردنا من ذلك ما فيه كفاية للبيب ومقنع للأريب .
ومن خطب أبي بكر بن عبد الله أمير المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام وقد بلغه عن قوم من أهل المدينة أنهم ينالون من أصحاب رسول الله ويسعفهم آخرون على ذلك .
أيها الناس إني قائل قولا فمن وعاه وأداه فعلى الله جزاؤه ومن لم يعه فلا يعد من ذمامها إن قصرتم عن تفصيله فلن تعجزوا عن تحصيله فأرعوه أبصاركم وأوعوه أسماعكم وأشعروه قلوبكم فالموعظة حياة والمؤمنون إخوة وعلى الله قصد السبيل ولو شاء لهداكم أجمعين فأتوا الهدى تهتدوا واجتنبوا الغي ترشدوا وأنيبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون والله جل جلاله وتقدست أسماؤه أمركم بالجماعة ورضيها لكم ونهاكم عن الفرقة وسخطها منكم فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها جعلنا الله وإياكم ممن يتبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنا نحن به وله وإن الله بعث محمدا بالدين واختاره على العالمين واختار له أصحابا على الحق وزراء دون الخلق اختصهم به وانتخبهم له فصدقوه ونصروه وعزروه ووقروه فلم يقدموا إلا بأمره ولم يحجموا إلا عن رأيه وكانوا أعوانه بعهده وخلفاء من بعده فوصفهم فأحسن وصفهم وذكرهم فأثنى عليهم