قال في المثل السائر وإذا ضمنت الآيات في أماكنها اللائقة بها ومواضعها المناسبة لها فلا شبهة فيما يصير للكلام من الفخامة والجزالة والرونق قال في حسن التوسل ومن شرف الاستشهاد بالقرآن الكريم إقامة الحجة وقطع النزاع وإذعان الخصم في في حسن التوسل وأين قول العرب القتل أنفى للقتل لمن أراد الاستشهاد في هذا المعنى من قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة ) وقد روي أن الحجاج قال لبعض العلماء أنت تزعم أن الحسين من ذرية رسول الله فأتني على ذلك بشاهد من كتاب الله تعالى وإلا قتلتك فقرأ عليه ( ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى ) فعيسى ابن بنته فأسكت الحجاج وأيضا فإن الآية الواحدة تقوم في بلوغ الغرض وتوفية المقاصد ما لا تقوم به الكتب المطولة والأدلة القاطعة .
فمن أخصر ما وقع في ذلك وأبلغ أنه كان على الروم بهرقلة في أيام الرشيد امرأة منهم وكانت تلاطف الرشيد ولها ابن صغير فلما نشأ فوضت الأمر إليه فعاث وأفسد وخاشن الرشيد فخافت على ملك الروم فقتلت ولدها فغضب الروم لذلك فخرج عليها رجل منهم يقال له يقفور فقتلها واستولى على الملك وكتب إلى الرشيد أما بعد فإن هذه المرأة وضعتك موضع الشاه ووضعت نفسها موضع الرخ وينبغي أن تعلم أني أنا الشاه وأنت الرخ فأد إلي ما كانت المرأة تؤدي إليك فلما قرأ الكتاب قال للكتاب أجيبوا عنه فأتوا بما لم يرتضه وكان الرشيد خطيبا شاعرا فكتب .
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى يقفور