قال أبو حاتم رضى الله عنه العاقل لا يصادق المتلون ولا يؤاخي المتقلب ولا يظهر من الوداد إلا مثل ما يضمر ولا يضمر إلا فوق ما يظهر ولا يكون في النوائب عند القيام بها إلا ككونه قبل إحداثها والدخول فيها لأنه لا يحمد من الإخاء ما لم يكن كذلك .
وأنشدني محمد بن المنذر وأنشدني محمد بن خلف التيمي أنشدني رجل من خزاعة ... وليس أخي من ودني بلسانه ... ولكن أخي من ودني في النوائب ... ومن ماله مالي إذا كنت معدما ... ومالي له إن عض دهر بغارب ... فلا تحمدن عند الرخاء مؤاخيا ... فقد تنكر الإخوان عند المصائب ... وما هو إلا كيف أنت ومرحبا ... وبالبيض رواغ كروغ الثعالب ... .
أخبرنا ابن قحطبة حدثنا محمد بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن هشام ابن عروة عن أبيه قال مكتوب في الحكمة أحبب خليلك وخليل أبيك .
قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من أعظم الأمارات على معرفة صحة الوداد وسقمه ملاحظة العين إذا لحظت فإنها لا تكاد تبدي إلا ما يضمر القلب من الود ولا يكاد يخفى ما يجنه الضمير من الصد فالعاقل يعتبر الود بقلبه وعين أخيه ويجعل له بينهما مسلكا لا يرده عن معرفة صحته شيء تخيله .
ولقد أخبرنا محمد بن المهاجر المعدل حدثنا محمد بن الحسن الذهلي حدثنا علي بن محمد المذهبي عن محمد بن إبراهيم العباسي عن عبد الله بن الحجاج مولى المهدي وعن إبراهيم بن شكله قال إعلم أن من أظهر ما تحب أو ما تكره فإنما لك أن تقيس ما أضمر قلبه بالذي أظهر لسانه وليس لك أن تعرف ما أسر ضميره فعامله على نحو ما يبدي لك لسانه وفي ذلك أقول