قال أبو حاتم رضى الله عنه هذا الذي ذهب اليه داود الطائي وضرباؤه من القراء من لزوم الاعتزال من الخاص كما يلزمهم ذلك من العام أرادوا بذلك عند رياضة الأنفس على التصبر على الوحدة وإيثار ضد الخلطة على المعاشرة فإن المرء متى لم يأخذ نفسه بترك ما أبيح له فأنا خائف عليه الوقوع فما حظر عليه .
وأما السبب الذي يوجب الاعتزال عن العالم كافة فهو ما عرفتهم به من وجود دفن الخير ونشر الشر يدفنون الحسنة ويظهرون السيئة فإن كان المرء عالما يدعوه وإن كان جاهلا عيروه وإن كان فوقهم حسدوه وإن كان دونهم حقروه وإن نطق قالوا مهذار وإن سكت قالوا عيى وإن قدر قالوا مقتر وإن سمح قالوا مبذر فالنادم في العواقب المحطوط عن المراتب من اغتر بقوم هذا نعتهم وغره ناس هذه صفتهم .
ولقد أنبأنا محمد بن المهاجر المعدل أخبرني أحمد بن محمد بن بكر الأبناوي عن داود بن رشيد قال حدثني إبراهيم بن شماس قال قال لي الأكاف حفص بن حميد صاحب ابن المبارك بمرو يا إبراهيم صحبت الناس خمسين سنة فلم أجد أحدا ستر لي عورة ولا وصلني إذا قطعته ولا أمنته إذا غضب فالأشتغال بهؤلاء حمق كثير