قال أبو حاتم رضى الله عنه الواجب على العاقل أن يداري الناس مداراة الرجل السابح في الماء الجاري ومن ذهب الى عشرة الناس من حيث هو كدر على نفسه عيشه ولم تصف له مودته لأن وداد الناس لا يستجلب إلا بمساعدتهم على ما هم عليه إلا أن يكون مأثما فإذا كانت حالة معصية فلا سمع ولا طاعة والبشر قد ركب فيهم أهواء مختلفة وطبائع متباينة فكما يشق عليك ترك ما جبلت عليه فكذلك يشق على غيرك مجانبة مثله فليس الى صفو ودادهم سبيل إلا بمعاشرتهم من حيث هم والإغضاء عن مخالفتهم في الأوقات أنشدني الأبرش ... قالت وهزت رأسها وتضاحكت ... على الوتجفى أم على العهد توصل ... فقلت فلم أفعل فقالت تريده ... فقلت فلم أفعل فقالت ستفعل ... .
أنبأنا ابن قحطبة حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا حرم قال سمعت حبيب ابن الشهيد يقول سمعت الحسن يقول يا ابن آدم أصحب الناس بأي خلق شئت يصحبوك عليه وأنشدني الكريزي ... تجنى على بما قد جنى ... ويغلظ في القول إن لنت له ... ويسبق بالعذل لي ظلما ... كأن الصواب له لا ليه ... كما قال في مثل عالم ... خذ اللص بالذنب لا تغفله ... .
قال أبو حاتم رضى الله عنه من التمس رضا جميع الناس التمس مالا يدرك ولكن يقصد العاقل رضا من لا يجد من معاشرته بدا وإن دفعه الوقت الى استحسان أشياء من العادات كان يستقبحها واستقباح أشياء كان يستحسنها ما لم يكن مأثما فإن ذلك من المداراة وما أكثر من دارى فلم يسلم فكيف