قال أبو حاتم رضى الله عنه يجب على العاقل ابتغاء الأضياف وبذل الكسر لأن نعمة الله إذا لم تصن بالقيام في حقوقها ترجع من حيث بدأت ثم لا ينفع من زالت عنه التلهف عليها ولا الإفكار في الظفر بها وإذا أدى حق الله فيها استجلب النماء والزيادة واستذخر الأجر في القيامة واستقصر إطعام الطعام .
وعنصر قرى الضيف هو ترك استحقار القليل وتقديم ما حضر للأضياف لأن من حقر منع مع إكرام الضيف بما قدر عليه وترك الادخار عنه .
ولقد حدثني كامل بن مكرم حدثنا محمد بن يعقوب الفرجى حدثنا الوليد ابن شجاع حدثنا عقبة بن علقمة ومبشر بن إسماعيل أنهما سألا الأوزاعي ما إكرام الضيف قال طلاقة الوجه وطيب الكلام .
وأنشدني الكريزي في قوم لم يكونوا يضيفون ... أقاموا الديدبان على يفاع ... وقالوا لا تنم للديدبان ... إذا أبصرت شخصا من بعيد ... فصفق بالبنان على البنان ... تراهم خشية الأضياف خرسا ... يصلون الصلاة بلا أذان ... .
قال أبو حاتم رضى الله عنه أبخل البخلاء من بخل بإطعام الطعام كما أن من أجود الجود بذله ومن ضن بما لا بد للجثه منه ولا تربو النفس إلا عليه كان بغيره أبخل وعليه أشح .
ومن إكرام الضيف طيب الكلام وطلاقة الوجه والخدمة بالنفس فإنه لا يذل من خدم أضيافه كما لا يعز من استخدمهم أو طلب لقراه أجرا .
وأنشدني كامل بن مكرم أنشدني محمد بن سهيل ... وإني لطلق الوجه للمبتغي القرى ... وإن فنائي للقرى لرحيب ... أضاحك ضيفي عند إنزال رحله ... فيخصب عندي والمحل جديب