الصاحبُ : لو لم يُعِدْ أربعَ مراتٍ فقال : .
( بجهلٍ كجهلِ السيف وهو مُنتضًى ... وحلمٍ كحلمِ السيفِ وهو مغمدُ ) .
لفسدَ البيت .
والأمرُ كما قال الصاحب . والسّببُ في ذلك أنك إذا حَدَّثْتَ عن اسمٍ مضافٍ ثم أردتَ أن تذكُرَ المضافَ إليه فإِن البلاغةَ تقتضي أنْ تذكره باسمه الظاهر ولا تُضْمِرُه . وتفسيرُ هذا أن الذي هو الحَسَنُ الجميلُ أن تقولَ : " جاءني غلامُ زيدٍ وزيدٌ " ويقبحُ أن تقول : " جاءني غلامٌ زيدٍ وهو " . ومن الشاهد في ذلك قول دِعْبِل - البسيط - : .
( أضيافُ عِمرانَ في خِصْبٍ وفي سَعَةٍ ... وفي حِباءٍ غيرِ مَمنوعِ ) .
( وضيفُ عمرٍو وعمرٌو يسهرانِ معاً ... عمرٌو لِبِطنَتِهِ والضيفُ للجوعِ ) .
وقولُ الآخَر - الطويل - : .
( وإنْ طُرَّةٌ راقَتْكَ فانظُرْ فربَّما ... أمرٌ مذاقُ العودِ والعُودُ أخضرُ ) .
وقولُ المتنبي - الطويل - : .
( بمنَ نَضْرِبُ الأمثالَ أمْ مَنْ نَقيسُهُ ... إليك وأهلُ الدّهْرِ دونَكَ والدَّهرُ ) .
ليس بخفيٍّ على مَنْ لَهُ ذوقٌ أنه لو أتى موضعُ الظاهر في ذلك كلّه بالضمير فقيل : وضيفُ عمرٍو وهو يسهران معاً وربما أمرَّ مذاق العُودِ وهو أخضرُ وأهل الدهر دونَكَ وهو لعُدم حسنٌ ومزية لا خفاءَ بأمرِهما . ليس لأن الشعرَ يَنْكَسِرُ ولكن تنكرهُ النفس . وقد يرى في بادىءِ الرأي أنَّ ذلك من أَجْل اللَّبس وأنك إذا قلتَ : جاءني غلامُ زيدٍ وهو كان الذي يقع في نفسِ السامعِ أنَّ الضميرَ للغلام وأَنَّك على أنْ تجيءَ له بخبر إلاّ أنه لا